أرشيف الصور التاريخية
تعدّ الصورة واحدة من أهم وسائل التوثيق، فهي مصدر رئيس من مصادر التوثيـق العلمي والقانوني والتاريخي، إلى جانب الاكتشافات الأثرية، والشواهد العمرانية، والمخطوطات، والإحصاءات الـرقميـة، والتسجيلات الصوتية، والأفلام المتحركة، والمرويات الشفهية، وغيرها.
وللصورة قدرتها الكبيرة على رصد مظاهر الحياة المختلفة؛ لذا حرصت مؤسسة التراث الخيرية على توظيف إمكاناتها في هذا المجال من خلال محتويات أرشيفها للصور، عبر الإسهام في مشروع مكتبة الملك فهد الوطنية؛ لإنشاء أرشيف وطني يضم مجموعة واسعة من الصور التاريخية النادرة، التي تؤرخ لمراحل من حياة المملكة، كان التصوير الفوتوغرافي فيها في بداياته.
وقد بذلت جهوداً كبيرةً في جمع المعلومات المتعلقة بتاريخ التصوير الفوتوغرافي، ورواده في الجزيرة العربية، حتى تأتي مراحل جمع هذا التراث المهم محققة الهدف المنشود.
وانطلاقاً من أهمية التوثيق التاريخي، فقد قُدّم اقتراح من مؤسسة التراث الخيرية إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- (عندما كان أميراً لمنطقة الرياض، ومشرفاً عاماً على مكتبة الملك فهد الوطنية، ورئيساً للجنة العليا للاحتفال بمرور 100 عام على تأسيس المملكة آنذاك) بإنشاء «الأرشيف الوطني للصور التاريخية» بمكتبة الملك فهد الوطنية في الرياض؛ ليكون مصدراً متميزاً ومتخصصاً في التاريخ السعودي، يحمل أبعادًا ثقافية وتعليمية عميقة للتعريف بماضي المملكة، ويكون مرجعاً موثقاً لإفادة الباحثين والدارسين والمهتمين بتاريخها.
وقد بدأت الخطوات العملية للمشروع بالإعلان عن إنشاء الأرشيف الوطني للصور التاريخية، خلال رعايته -حفظه الله- حفل الافتتاح الرسمي لمكتبة الملك فهد الوطنية في الخامس من رمضان سنة 1417هـ (1997م)، وتوّج ذلك بصدور موافقة المقام السامي الكريم على إنشاء «الأرشيف الوطني للصور التاريخية بمكتبة الملك فهد الوطنية»، بالاستفادة من التقنيات الحديثة في حفظ الصور القديمة ذات الصلة بتاريخ المملكة العربية السعودية، ومعالجتها، وتسهيل الوصول إليها من طريق نظم آلية متطورة.
وقد نفذت مؤسسة التراث غير الربحية المرحلة الأولى من الأرشيف الوطني للصور التاريخية، الذي اشتمل على ما يقارب ثلاثين ألف صورة، كما نفذت المرحلة الثانية من المشروع لمصلحة مكتبة الملك فهد الوطنية الذي يتضمن أربعة عشر ألف صورة جمعت من مصادر مختلفة من داخل المملكة وخارجها.